بطلان الاستيقاف العشوائي لسيارات الأجرة فى الأكمنة وتفتيش ركابها ، وبطلان الدليل المستمد منه
المبدأ :
المقرر أن القيود الواردة على حق رجل الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش بالنسبة إلى السيارات إنما ينصرف إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها، أما بالنسبة للسيارات المعدة للإيجار كالسيارة التي كان الطاعن يركبها، فإن من حق مأموري الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور التي تمنع استعمال السيارات في غير الغرض المخصص لها وهو في مباشرته لهذا الإجراء إنما يقوم بدوره الإداري الذي خوله إياه القانون المتمثل في منع الجرائم قبل وقوعها حفظاً للأمن في البلاد أي الاحتياط لمنع وقوع الجرائم، وتحقيقاً لهذه المصلحة العامة منح المشرع رجل الشرطة بعض الصلاحيات في قوانين متفرقة كطلب إبراز بطاقات تحقيق الشخصية أو ترخيص المركبات المختلفة للاطلاع عليها أو الدخول إلى المحال العامة والمحلات المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة وما شاكل ذلك، بيد أن هذه الصلاحيات ليست حقاً مطلقاً من كل قيد يباشره رجل الشرطة دون ضابط، بل هو مقيد في ذلك بضوابط الشرعية المقررة للعمل الإداري، فلا بد له أن يستهدف مصلحة عامة وأن يكون له سند من القانون وأن يلتزم بالحدود اللازمة لتحقيق غاية المشرع من منحه هذه الصلاحية وأن تلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية وإلا وصف عمله بعدم المشروعية والانحراف بالسلطة، ومن ثم فلا يصح في القانون أن يقوم رجل الشرطة في سبيل أداء دوره الإداري الذي نص عليه في قانون المرور بالاطلاع على تراخيص المركبات أن يعد كميناً يستوقف فيه جميع المركبات المارة عليه دون أن يضع قائدها نفسه موضع الشبهات بسلوك يصدر عنه اختياراً، ولا يصح لرجل الشرطة أن يستوقف كل المارة في طريق عام ليطلع على بطاقة تحقيق شخصية كل منهم، ما لم يضع الشخص نفسه باختياره موضع الريبة والشكوك، لأن في استيقافه جميع المارة أو المركبات عشوائياً في هذه الكمائن إهداراً لقرينة البراءة المفترضة في الكافة، وينطوي على تعرض لحرية الأفراد في التنقل المقرر في الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور والقول بغير ذلك يجعل من النص الذي رخص له في الاطلاع على تراخيص المركبات أو بطاقات تحقيق الشخصية مشوباً بعيب مخالفة الدستور، وهو ما ينزه عنه الشارع، إلا أن تكون جريمة معينة وقعت بالفعل ويجري البحث والتحري عن فاعلها أو جمع أدلتها فيكون له بمقتضى دوره كأحد رجال الضبطية القضائية أن يباشر هذه الصلاحيات مقيداً في ذلك بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، وكان من المقرر أن للاستيقاف شروطاً ينبغي توافرها قبل اتخاذ هذا الإجراء وهي أن يضع الشخص نفسه طواعيةً واختياراً في موضع الشبهات والريب وأن ينبئ هذا الوضع على صورة تستلزم تدخل المستوقف للكشف عن الحقيقة، وكان البين مما سرده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - ومن المفردات المضمومة أنه حال تواجد ضابط الواقعة بالكمين لضبط الخارجين عن القانون والهاربين من تنفيذ الأحكام القضائية استوقف السيارة الأجرة التي يستقلها الطاعن بطريقة عشوائية وطلب من ركابها بطاقاتهم الشخصية وبالاستعلام عنها تبين أن الطاعن مطلوب التنفيذ علية في القضية رقم ...... لسنة ٢٠١٤ جنايات رأس غارب والمقضي فيها غيابياً بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبغرامه ألف جنيه، فإن هذا الاستيقاف يتسم بعدم المشروعية إذ تم بدون مبرر إذ لم يصدر من الطاعن ما يثير الريبة والشك في وقوع جريمة ما منه تستلزم تدخل الضابط ليقف على حقيقه أمره، وإذا ما انتفت المظاهر التي تبرر الاستيقاف، فإنه يكون على هذه الصورة هو القبض الذي لا يستند إلى أساس في القانون فهو باطل ولا يعتد بما أسفر عنه من دليل، ولا يغنى في ذلك توافر حالة التلبس بالجريمة التي تحدث عنها الحكم لأن حالة التلبس عنصر جديد لاحق على الاستيقاف، فلا يصح أن يتخذ منها دليلاً في الرد عليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه. لما كان ما تقدم، وكان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل يكون مستمداً منه، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن .... ".
( الطعن رقم ٧٤٥٧ لسنة ٨٩ ق - جلسة ١١/ ١٢/ ٢٠٢١)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق